مراحل تدوين السنة النبوية كثيرة، حيث تعد السنة النبوية هي كل ما ذكر من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي ذكر عن لسانه من أحاديث وأحكام نبوية، أو أعمال قام بها، ومرت السنة النبوية بالعديد من المراحل المختلفة، حتى يتم المحافظة عليها ووصولها للشعوب والقبائل وتوارثها، فهي مصدر كبير للمسلمين بالعلم ولها أهمية كبيرة في الدين الإسلامي بشكل عام، ومن خلال هذا المقال على موقع برونزية سوف نتعرف على أهم المراحل التي مرت بها السنة النبوية حتى تم تدوينها حتى أصبحت على الشكل الذي ظلت عليه حتى يومنا هذا.
محتويات المقال
مرت السنة النبوية بمراحل كثيرة حتى وصلت إلى السنوات التي نعيشها نحن الآن، حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يهتم كثيرًا بتدوين السنة النبوية، ولكنه كان يهتم الاهتمام الأكبر بالقرآن الكريم وضرورة حفظه وتدوينه، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخشى من تدوين أحاديثه وكلماته من أن يتم دسها أو العبث بها أو التحريف فيها، كما أنه خشي من دسها في القرآن الكريم أيضًا، ومن أهم مراحل التدوين والاحتفاظ للسنة النبوية الآتي:
بدأت المرحلة الأولى لتدوين السنة النبوية في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، وذلك بالتحديد في القرن الثاني من الهجرة النبوية الشريفة، وكانت من خلال جمع بعض الأحاديث وكتابتها والتي وردت عن النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وكان في هذه المرحلة يتم جمع كل ما ورد عن النبي من أقوال وأحاديث، وأيضًا شرح آيات القرآن الكريم، والأحاديث القدسية، وبعض الأحكام والعبادات، وكذلك الغزوات التي خاضها الرسول الكريم، وكل شيء يخص النبي حتى في معاملاته مه الناس والجيران والأهل، وهكذا، وكان الخليفة عمر بن عبد العزيز يحرص كل الحرص على تنقية السنة النبوية وذلك من خلال الإسناد من القرآن الكريم وذلك للمحافظة على كتابة السنة الصحيحة.
بعد ذلك انتقلت السنة النبوية من مرحلة الكتابة، والتي كان يتم من خلالها كتابة كل ما ورد عن الرسول وكل ما يخص الرسول على لسان التابعين، إلى أن وصلت إلى مرحلة أخرى وأطلق عليها مرحلة التصنيف، والتي كانت تعتمد في تلك المرحلة على المواضيع الفقهية، حيث تم العمل على تقسيم السنة إلى عدة كتب مختلفة، حيث تم وضع الكتب التي تخص بعض العلوم الخاصة بالدين الإسلامي جانبًا، وتم عمل كتب أخرى لتخص السنة النبوية، وكتب أخرى تخص الفقه الإسلامي، وأيضًا كتب تخص الغزوات وما حدث بها وتواريخها وفي هذه المرحلة كان تدوين السنة يعتمد على تخصيص العلوم.
مرت بعد ذلك مرحلة التدوين للسنة النبوية الشريفة بمرحلة أخرى، وذلك كم خلال تدوينها في مجموعة كبيرة من الكتب المختلفة، والتي تتنوع في تصنيفها ما بين الجوامع والمستخرجات، والمستدركات، وكذلك المصنفات، والسنن والمسانيد، حيث قام كل إمام من الأئمة في الحديث النبوي الشريف بوضع الكتب الخاصة به، والتي تختلف عن بعضها البعض في الأسلوب والمنهج الخاص بكل إمام، والتي تم أخذها عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان بعض الأئمة يشترط أن يتم التأكد من صحة تلك الأحاديث، وكان يتحرى الدقة الشديدة عند كتابتها، وقبل أن يقوم بتدوينها في الكتب، ومن بينهم الإمام البخاري والإمام مسلم، والإمام ابن خزيمة، فكانوا يهتمون كثيرًا بالسنة النبوية وضرورة صحتها.
ومع ذلك كان هناك بعض الأئمة الآخرين الذين كانوا يهتمون بتدوين كل ما ورد من الأشخاص المقربين لهم، أو الذين يأخذون كلامهم ثقة، وكانوا يعتمدون على جمع الأحاديث القريبة والصحيحة، في حين أنهم كانوا لا يهتمون كثيرًا بالضبط، ونجد ذلك في كتاب الحسن، والضيف، والصحيح، كالإمام الترمذي، والإمام النسائي.
وكان هناك أيضًا فئة أخرى اهتموا بتدوين الأحاديث النبوية الشريفة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن من دون الاهتمام بالتحري الدقيق لصحتها ولم يعط لذلك الاهتمام الكبير، ولكنه اعتمد على جمع أكبر كمية ممكنة من الأحاديث النبوية الشريفة، وذلك مثل الإمام ابن ماجه، والإمام عبد الرازق الصنعاني، وغيرهم.
بعد ذلك مرت السنة النبوية إلى مرحلة جديدة تمامًا، بعد أن كان الاعتماد الكبير على تدوينها وكتابتها، انتقلت السنة النبوية إلى مرحلة التدقيق، والتي كان يتم الاعتماد الكبير في تلك المرحلة على التأكد من صحة الأحاديث النبوية الشريفة، والتأكد من صحتها وأنها وردت عن لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك من خلال السند القوي، وأيضًا المتن، وعندما وصلت السنة النبوية إلى تلك المرحلة تأسس العلم الخاص بمصطلح الحديث، وكانت ذلك المرحلة في القرن الخامس من الهجرة تقريبًا، واعتمدت على تصنيف الأحاديث الصحيحة، وبعض الأحاديث المستبعدة أو التي لا يكون لها سند أو ليس لها متن، وتم تصنيفها تحت فئة الأحاديث النبوية الضعيفة، وذلك لعدم توافر السند القوي لها، ولم يتم حدوث التأكيد على مدى صحتها.