لقد سميت سورة هود بهذا الاسم بسبب التكرار المستمر لاسم نبي الله هود في أكثر من موضع في السورة.
وبالرغم من السورة تحتوي على الكثير من قصص الأنبياء فإن نبي الله نوح ذكر في سورة هود 5 مرات.
مقاصد سورة هود
وعند النظر في سورة هود فنجد أنها كغيرها من السور القرآنية التي تتضمن الكثير من المقاصد وتعلم المسلمين الكثير من أمور دينهم ومن مقاصد سورة هود ما يلي:
القرآن الكريم هو محكم ومفصل في جميع الأحوال سواء كان في البشارة أو النذارة وقد تم وضعهم في المكان الأنسب وعلى الوجه الأحكم في السورة.
تفرده سبحانه وتعالى بالملك والعلم بما كل هو معلوم وغير معلوم بما ورد في عنايته بكل دواب الأرض وقدرته جل في علاه على البعث وكل شيء.
كما اعتمدت السورة على أسلوب الترهيب في الدعوة والذي جاء في أكثر من آية تتضمن التهديد والوعيد كما ورد في قوله تعالى ﴿ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير﴾.
وفي قوله جل في علاه ﴿وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير﴾
وقد جاء هذا المعنى والقصد في قصة قوم هود فقد قال تبارك وتعالى ﴿وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعداً لعاد قوم هود﴾.
أيضا اشتملت على أصل العقيدة الإسلامية من التوحيد والجزاء والبعث والعمل الصالح كما تضمنت إثبات النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم وورد فيها عدة قصص لأنبياء الله عليهم السلام.
أظهرت السورة سنن الله في الخوالي من الأمم كما ورد في عاقبة المفسدين والظالمين اتباع أكثر الأمم للشهوات واللذات وأن هذه الأمور كانت موجبة لهلاكهم.
كما ورد في السورة الكريمة الكثير من صفات النفس والأخلاق والفضائل والرذائل التي هي السبب في فعل الخير أو الشر كما وضحت فضل الرسل والمؤمنين ومساوئ وعاقبة الكافرين.
أيضا أظهرت السورة استمرار المفسدين في العداوة المقصودة للصالحين وورثة الأنبياء وأن أهل البدع والحسد وأعوان الملوك هم الأشد كيدا للصالحين.
عاقبة الظلم والطغيان ستكون إلى المهالك.
القصد من السورة أيضا كان لإظهار أن الغرض من القصص القرآني هو التثبيت لقلب الرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي يكون تثبيتا للتابعين والسائرين على خطاه صلى الله عليه وسلم.
أكدت سورة هو على الصبر وأنه من الفضائل وقد ورد ذلك في ثلاثة مواضع وينبغي أن الصبر في السراء والضراء والشدة والرخاء.
الدعوة إلى الاستقامة والنهي عن الإفساد في الأرض والعمل على الصلاح فيها.
بين الله تبارك وتعالى أن الحسنات تمحو السيئات كما بين ما يتسبب في نجاة الأمم.
أظهر الله في آيات سورة هود أنه سبحانه وتعالى لا يهلك ﴿القرى بظلم وأهلها مصلحون﴾ وهذه هي سنته في الأمم السابقة فإن أعمال الأمم هي الأساس الذي يترتب عليه بقائهم أو موتهم.
حيث أوضحت السورة أن القرى الظالمة تستحق العذاب مستقبلا وأن العذاب سيكون بقدر ظلمها لا هوادة ولا رحمة فيه.
كما أفادت قضة نبي الله نوح مع ابنه أن حب الأبناء هو فطرة وغريزة خلق عليها الإنسان وأن حقوق الأبناء على الآباء قد أقرها الشرع بما يدعم هذه الغريزة.
بينت السورة أن سنن الله في الأمم واختلافهم في الدين كما اختلافهم في العقل والتكوين والفهم وهي سنة كونية لا دخل للإنسان بها.
فكل ما سبق كان أهم المقاصد التي اشتملت عليها سورة هود وقد يكون هناك العديد من المقاصد الأخرى التر لن تخفى على من يتأمل السورة ووقف مع آياتها للتدبر.
بعض الآيات في القرآن قد نزلت لأسباب معينة كذلك الحال مع سورة هود والتي قد ورد أسباب النزول لبعض آياتها ونذكر من آيات السورة الكريمة الآتي:
﴿ألا إنهم يثنون صدورهم﴾ حيث اختلف الكثير من المفسرين في أراءهم حول سبب ورود هذه الآية حيث ذهب البعض إلى هذه الآية نزلت في طائفة من المسلمين.
حيث كانت هذه الطائفة تستحي من الله تبارك وتعالى أن تكشف نفسها عند مضاجعة زوجاتهم فأوضح لهم الله سبحانه وتعالى أن يتقوا الله بقلوبهم في ذلك الذي حلله الله لهم.
وقد ذهب البعض الأخر من المفسرين إلى أن هذه الآية نزلت في المنافقين ممن يبطنون العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم وفي ظاهرهم المودة له.
فعن عبد الله بن شداد قال كان أحدهم إذا مر بالنبي ﷺ ثنى صدره لكيلا يراه، فنزلت الآية”
وقد قيل أنها نزلت خصيصا في الأخنس بن شريق حيث كان يعرف بحلو الكلام والمنطق فكان يلقى رسول الله بما يحب وله بقلبه ما يكره.
سبب نزول آية ﴿وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل﴾ فقد كان لبعض المفسرين رأي بأنها نزلت في رجل قبل امرأة لا تحل له وكان ينوي التوبة عن فعلته هذه.
حيث أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن مسعود قال “أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره فأنزل الله تعالى.
﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: الجميع أمتي كلِّهم”.
وعن أبي اليسر بن عمرو قال: “أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت: إن في البيت أطيب من هذا، فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له فقال.
أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا، وأطرق طويلا حتى أوحى الله بهذه الآية”.
وفي رواية أخرى ” أن الرجل قال لرسول الله ﷺ بعد أن أخبره بالقبلة: أقم في حد الله، فأعرض عنه الرسول ثم أقيمت الصلاة فلما فرغ الرسول من صلاته قال أين الرجل؟ قال ها أنذا، قال.
أأتممت الوضوء وصليت معنا؟ قال نعم قال أذهب فإنها كفارة لما فعلت” وفي إحدى الروايات: “فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد، وأنزلت الآية”.
وذهب بعض المفسرون إلى رأي أخر وهو أن هذه الآية قد نزلت آمرة المسلمين بفريضة الصلاة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تلاها على رجل سأله عن قبلة الصلاة.
شبيهات سورة هود من سور القرآن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” شيبتني هود وأخواتها” لذلك وجب علينا توضيح أخوات سورة هود أو شبيهاتها إن صح التعبير ونستعرض لكم فيما يلي هذه السور الشبيهة بسورة هود:
أخوات سورة هود مثل “الحاقة” وسورة “المعارج” وسورة ” القارعة” وسورة ” التكوير”.
حيث قال الحافظ المناوي: ما فيها من ذكر أهوال القيامة والعذاب والهموم والأحزان إذا تزاحمت على الإنسان أسرع إليه الشيب في غير أوان.
كما ان هذه السور قد ذكر فيها الهلاك والعذاب الذي لحق بالأمم السابقة وقد ذكر في هو وأخواتها أهوال يوم القيامة وما فيها من عجائب وأهوال ومواقف.
وكان شيب النبي صلى الله عليه وسلم من هذه السور هو خوفه وإشفاقه على أمته وفي الحديثِ: التَّأثُّرُ بالقرآنِ لِمَن عرَفه حقًّا، وتفاوُتُ ذلِك التَّأثُّرِ بالقرآنِ.