ننصح كل الأهالي بقراءة قصة ما قبل النوم للأطفال. ودائماً يكون الهدف من تلك القراءة هي بث الأخلاق الحميدة داخل روحهم منذ الصغر. حتى نحصل على نشأ صالح، يُقدر السلوكيات الصحيحة والالتزام والاعتدال دوماً التي لا أعوجاج فيها. ولهذا نعرض عليكم اليوم أحدى القصص التي تؤثر في كيان الطفل من الداخل كثيراً، ويكون هذا من خلال مقال اليوم من برونزية.
محتويات المقال
كان يا ما كان يا سعد يا إكرام ما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام. كان هناك أم في عمر الثلاثون تسمى فاطمة. وكان لديها بنت تسمى ليلى، وولد يسمى أحمد، وزوجها مدحت.
كان يعمل مدحت في تجارة الفاكهة، بينما كانت فاطمة ربة منزل. والفتاة في سن الخامسة عشر من عمرها، والولد في عمر العاشرة. وكانوا يعيشوا في ثراء بالغ، يجدوا كل ما يطلبوه من مأكل وملبس ويعيشوا في أفضل مسكن. كانت الألعاب جميعها لديهم، وأفضل الأجهزة الإلكترونية من لاب توب وcomputer وبلاي ستيشن وغيرهم. وكانت فاطمة زوجة صالحة تحاول قدر الإمكان توفير الراحة للزوج، والرفاهية للأولاد، والاهتمام بذاتها وكانت دوماً على أحسن صورة وهيئة. وفجأة تبدلت الأحوال على غير المتوقع، وكان السبب في ذلك هو مرض الأب مدحت بإحدى الأمراض الخطيرة.
مرض الأب كثيراً والذي جعله غير قادر على القيام بعمل أي شئ، وكانت هذه البداية للتوقف عن التجارة وخسارتها. بدأت فاطمة تنفق كل ما في وسعها لعلاج زوجها المريض ولكن دون جدوى، بدأت في بيع الأغراض المتواجدة في المنزل من سيارات وذهب وكل شئ يمكن من خلاله الحصول على نقود.
ولكن من المؤسف أن الزوج لم يستجيب للعلاج، بعدها وقعت في أكثر العادات خطاً وهو السلف من الأقرباء والأصحاب. وكانت غير قادرة على تسديد ما تم أخذه من الغير. وجدت فاطمة منزلها أصبح خالي من الأثاث الفخم الذي كانت تمتلكه، ولا يكون فيه لا نقود ولا حتى طعام تعطيه لصغارها ولا ألعاب. كانت كل يوم تنهمر من الدموع وأصدقاءها يطلبون منها تسديد المبالغ والأموال الكثيرة التي أخذتها، كانت تنظر كل يوم ليلاً إلى زوجها وحالته الجديدة التي لم تعتاد على منظره شاحب الوجه وهزيل الجسد بعد ما كان يتصف بالجمال والعزة والتفاخر بذاته.
في صباح يوم من الأيام بدأت الأولاد بعد استيقاظهم من النوم بالبحث عن أمهم ولكن لم يجدوها. وبعد صلاة العشاء وجدوها تدخل عليهم ببعضاً من الطعام والفاكهة والعلاج لأبيهم المريض. وروت فاطمة عليهم أنها بدأت في التجارة مكان أبيهم وستحصل هي على الرزق حتى يطيب والدهم. حينها أندهش الزوج والأولاد لأن أمهم مازالت في عمر صغير، كما أنها لم تعمل من قبل، ولكنها في بادئ الأمر وآخره استعانت بالله الحي القيوم الذي لا يترك عباده مطلقاً.
وبعد شهرين كاملين من العمل والاجتهاد استطاعت الأم من تسديد كافة الديون التي اقترضتها من الغير، وبدأت في استعادة أغراض منزلها واحدة تلو الأُخرى. وكانوا على مشارف إعادة الحياة الطبيعية الخاصة بهم مرة أُخرى.
وبعدها جاءت الإجازة السنوية للأولاد، وحينها قرروا أن يساعدوا والدتهم في العمل. وأن يقوموا بتقسيم أنفسهم على فريقين؛ منهم من يراعي الوالد والآخر يعمل مع الوالدة. وخلال سنة واحدة عادت الحياة بصورة طبيعية مرة أُخرى، حتى أن الوالد بدأ التحسن في حالته الصحية قليلاً عن السابق. وهكذا من المفترض أن تكون الحياة مشاركة وتعاون بين أفرادها، كما أننا لابد من أن نتعلم أن الرزق الحلال ينتج من وراءه ذرية صالحة.
كانت هناك معزتان تعيشان في أحد الحقول. واحدة منهم سمينة وصحتها جيدة، والأُخرى هزيلة لا لحم فيها ولا دهون ولا حتى صوف غزير. وكانوا صديقتان في الصغر، ولكن منذ الكبر ومن الوقت الذي صار شكلهما هكذا وتغيرت المعزة السمينة على صديقتها.
كانت الضعيفة تكره رؤية الأُخرى لأنها كلما رأتها تقول لها (أيها الضعيفة الهزيلة هل أساعدك على حمل شئ، فأنتي مريضة ويخاف الجميع من التعامل معك) كانت تلك الكلمات تقع كالصاعقة على مسامعها. وفي كل يوم تدعو الله بأن تكون جميلة كصديقتها، وتسأله ما الحكمة في ذلك على الرغم من أنها ذات صفات أفضل من الأُخرى بكثير.
في يوم من الأيام جاءت قافلة كبيرة من الجزارين وأرادوا أن يختاروا واحدة من الماعز ليذبحوها، واجتمعوا كلهم على أن يأخذوا السمينة لأنها تحتوي على كمية كبيرة من اللحم. وحينها شكرت الله وحمدته على كونها ضعيفة وهزيلة وفرحة كثيراً وعلمت الحكمة من كونها على تلك الهيئة. فكانت صديقتها مغرورة وتتفاخر بنفسها على الجميع، أما الضعيفة فكانت هادئة طيبة فتركها الله تعيش وأبعد عيون الرجال عنها تماماً.
والحكمة من تلك القصة أنه من المفترض شكر الله وحمده دائماً دون الاعتراض على أقداره.