نقدم لكم في هذا المقال خطبة عن حب الوطن قصيرة جدا ، فحب الوطن غريزة فطرية فطر الله بها عباده فكل إنسان يعتز بوطنه، وبلده، وبيئته التي نشأ بها فالمواطن المخلص هو من ينتمي لوطنه، ويحميه، ويدافع عنه ضد أي مكروه.
فشعور الانتماء للوطن ليس للإنسان فقط إنما الحيوانات أيضًا لا تستطيع العيش في غير وطنها، وتتمسك به، ولا تتركه مهما كانت الظروف فالطيور تعيش في أعشاشها هيئة مسرورة، ويصعُب عليها تركه، أو مغادرته.
ومن خلال مقال اليوم على برونزية سنتعرف على قيمة الوطن، وحب أبنائه له، وواجبنا تجاهه.
محتويات المقال
بسم الله، والصلاة، والسلام على رسول الله أشرف الخلق، والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد فإن خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار أما بعد فالوطن هو المكان الأول الذي احتضن أبناءه، وضمهم، وحماهم من الأخطار كما تضم الأم أبنائها لتحميهم من أي سوء فكلمة وطن تعني الأرض، والأمان، والحب الفطري الذي يكمن داخل الفرد منذ بداية ولادته، وحتى موته كما يرى به الفرد ماضيه، وحاضره، ومستقبله.
حرص الإسلام على غرس حب الوطن داخل المسلمين، وإلزامهم بالدفاع عنه، وحمايته، والحفاظ عليه، والعمل على نهضته، وازدهاره، والاجتهاد لتطويره فوطنك هو أنت، وأنت من تُمثل وطنك أمام العالم فعليك أن تفخر به لأنه يستحق ذلك فكان الأنبياء، والمرسلين يدعون لوطنهم دومًا بالخير، والنماء، والأمن، والأمان حيث جاء قول سيدنا إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ….”.
وهذه الفطرة بداخل رسولنا، وقدوتنا، وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فكان كثير الحب لوطنه، وبلدته التي نشأ فيها فمكة كانت تمثل له الحنان، والبركة، والخير، وعندما خرج منها خوفًا على المسلمين من تعذيب الكفار لهم كان شديد الحزن، وقال في تلك الموقف المودع : ” واللَّه إني لأعلم أنك خير أرض اللَّه وأحبها إِلَى اللَّهِ ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ” . وهَذَا من أصح الآثار عن النبي عَلَيْهِ السَّلامُ .
فقد ترسخ حب الوطن في قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رغم المعاناة التي شهدها في مكة، ولكن وطنه لا يهون عليه فالخطأ ليس منه، ولكن من الذين يعيشون به، وكان صعب عليه خروجه من المكان القريب إلى قلبه، ولكن عاد إليها بعد ذلك منتصر بنصر ربه.
وموقف آخر يدخل على شدة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لوطنه عندما هاجر إلى المدينة أخذ يدعو الله أن يرزقه حبها كما يحب مكة، ويتعلق قلبه بها حتى بعد خروجه منها فقال : ” اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد “ وبالفعل كانت المدينة، وأهلها يرحبون بالرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته واستقبلوهم أفضل استقبال فاستجاب الله دعاء رسوله.
حب الوطن مرتبط بحب النفس فوطنك هو أنت، وقال الله تعالى في كتابه العزيز أية تدل على أن كل فرد عليه الدفاع عن وطنه ضد أي عدو، وحمايته، والحفاظ عليه من أي مكروه يصيبه فقال تبارك، وتعالى في سورة النساء : ” وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)”.
فالوطن حياة، وعندما يخرج منه الفرد يشعر، وكأنه ميت ففضل الله المهاجرين، ورفع بعضهم على بعض درجات، وكتب لهم الجنة، والنعيم المقيم جزاءًا لهم، ولفعلهم الذي قاموا به حيث تركوا ديارهم، وأموالهم، وأبنائهم، ووطنهم، وذهبوا لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصرة الدين فترك الوطن ليس بأمر سهل فقال الله عز، وجل عنهم في كتابه العزيز : ” لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)”.
فحب الوطن في الإسلام يمثل التزام الفرد بأخلاقه، وسلوكه الطيب، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، ونشر الخير، والصلاح داخل مجتمعه، والصلح بين الناس، والعفو، والتسامح عمن أساء، وشهادة الحق فالفرد يعيش محبوبًا بين الناس إذا كان على خُلق، ودين، وصلاح، وهذه الأخلاقيات من تعاليم الدين الإسلامي، وإذا طبقها كل فرد سينصلح حال المجتمع، ويتقدم الوطن، ويعيش الجميع في أمان، ورخاء، ومحبة.
فحب الوطن يظهر على أفعالنا فهو ليست كلمة تُقال، وكفى، ولكنها فعل، وحركة، ومجهود كي تُثبت هذا فكل من يحب وطنه يقوم على تنميته، ورفعته، وتقدمه بين الأمم كما يحافظ على ممتلكاته، ويهتم بنظافته، ويُخلص في أداء عمله، ويتصدى لكل من يريد به شر، أو مكروه، ويعمل على تشويه شكله، أو نهب خيراته، أو نشر الفساد فيه.
فوطنك هو بيتك الكبير الذي تعيش فيه، وتأكل من خيراته، وتحتمي بأرضه، وسماءه فهو أغلى شيء في الوجود فاللهم ندعوك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا فيارب احفظ بلدنا، وبلاد المسلمين، واحميها من كل شر، ورد كيد من أراد بها سوء في نحره وصل اللهم، وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه الطيبين الطاهرين، وسلم تسليمًا كثيرًا.