كانت الدولة البيزنطية في تلك الحقبة هي الدولة التي تسيطر على البحر المتوسط نظرا لما تمتلكه من قوة عسكرية بحرية هائلة.
حيث كانت تسيطر على غالبية الساحل الشمالي للبحر المتوسط وتنتشر على طول الساحل الموانئ المصنعة لتلك السفن.
أيضا كانت تسيطر على الكثير من المساحات الواسعة من الساحل الشرقي والجنوبي حيث كانت بلاد مترامية الأطراف حيث تمتلك أسطول بحري مهيب ولديها قواعد عسكرية كبيرة وكثيرة,
وتمتلك مراكز لصناعة السفن في العديد من المدن الواقعة تحت سيطرتها.
وبالتالي فإن بيزنطة قد بلغت أقصى الفترات التي ازدهرت خلالها في القرن الـ 16 الميلادي في عهد جستنيان.
مما جعل الأمر يصعب على أية دولة مجابهة هذه القوة البحرية الهائلة المملوكة لبيزنطة في تلك الفترة غير أن الجيش الإسلامي لم يكن خاض تجربة ركوب البحر من ذي قبل.
إلا أن خليفة المسلمين عثمان بن عفان قد أمر بإنشاء أسطول بحري نتيجة شعوره بالخطر القادم من بيزنطة الذي كان يهدد السواحل في بلاد الشام.
فكان من الأحرى على المسلمين القيام ببناء أسطول من أجل حماية أنفسهم من الخطر القادم من ناحية البيزنطيين وبالتالي بدأ المسلمون أن يهتموا بالبحر في هذه الفترة وبدأت مراكز صناعة السفن الإسلامية تنتشر بصورة كبيرة.
وقد كانت معركة ذات الصواري بين المسلمين والبيزنطيين هي أول معركة من نوعها يخوضها المسلمون داخل البحر وكان ذلك في عام 31 من الهجرة وقد قاد الأسطول البحري الإسلامي في تلك المعركة عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
وقد كان الأسطول الإسلامي يتألف من 200 سفينة وبالنسبة للأسطول البحري البيزنطي في معركة ذات الصواري فقد قاده قسطنطين بن هرقل ملك الروم وكان عدد الأسطول البيزنطي يتراوح عدد السفن فيه ما بين 600 إلى 800 سفينة حربية.
أسباب معركة ذات الصواري
تتعدد الأسباب التي حدثت من أجلها معركة ذات الصواري ولعل من أبرز تلك الأسباب كانت الرغبة العارمة لدى هرقل في الانتقام من المسلمين من أجل هزيمة الروم في إفريقيا والعديد من الأسباب الأخرى التي سنتطرق إلى الحديث عنها فيما يلي:
تختلف المصادر التاريخية لمعركة ذات الصواري في تحديد الأسباب الأساسية وراء هذه المعركة حيث قيل أن السبب هو رغبة بيزنطة في حرمان المسلمين من حصولهم على الأخشاب التي تلزمهم من أجل صنع أسطول بحري.
وبالتالي يشكل ذلك خطر كبير عليهم في البحر المتوسط.
أيضا قيل أن السبب هو أن بيزنطة كانت في طريقها لأن تسيطر على مدينة الأسكندرية غير أنهم اصطدموا بالأسطول الإسلامي لتنشب معركة ذات الصواري.
ولكن هناك رأي يرجح أن السبب وراء نشوب هذه المعركة هو الرغبة العارمة من البيزنطيين لأن ينتقموا من المسلمين حيث ألحقوا بهم خسارة لم يتمكن البيزنطيين من نسيانها في أفريقيا.
وبعيدا عن تلك الأسباب التي أدت إلى حدوث معركة ذات الصواري إلا أنه التقى الأسطول البحري الإسلامي مع الأسطول البحري البيزنطي في آسيا الصغرى على ساحل ليكيا.
حيث نزل نصف الجيش الإسلامي على البر من أجل قتال الجيش البيزنطي المرابط على الساحل وهذه واحدة من سياسات القتال داخل البحر حيث بدأت المعركة بين الأسطولين.
وعندما اقتربت السفن من بعضها البعض بدأ الطرفان التراشق بالحجارة والسهام وعندما نفدت السهام قام المسلمون بربط سفنهم مع سفن البيزنطيين حيث بدأ القتال بين الطرفين بالسيوف على ظهر السفن وجها لوجه.
وانتصر المسلمين بعد ما دار في المعركة وبعد قتال عنيف بين الطرفين وتمت هزيمة البيزنطيين وقد قام العديد من المؤرخين بسرد جميع التفاصيل والأحداث التي دارت على أرض المعركة.
حيث أنه في رواية ابن الأثير عندما وصف أحداث المعركة فقد قال “خرج البيزنطيون في خمسمئة أو ستمئة سفينة ومركب وخرج المسلمون من الشام التي كان معاوية بن أبي سفيان وكان عبد الله بن سعد بن أبي السرح قائدًا للأسطول البحري الإسلامي.
ولما اقتربت السفن من بعضها وكانت الريح قد اشتدت أرسى الطرفان وجعلوا بينهم الأمان يوما واحدا فبات المسلمون يدعون ويصلون وبات الروم تلك الليلة يقرعون النواقيس وفي اليوم التالي اقتربت السفن من بعضها وربطت ببعضها.
وبدأ القتال بالسيوف والخناجر، واستشهد من المسلمين الكثير ومن الروم أكثر وصبر المسلمون حتى أنزل الله نصره وسكينته على المسلمين وانتصروا في المعركة وانهزم وجرح قسطنطين قائد البيزنطيين وبعد النصر بقي المسلمون في ذات الصواري أياما قبل أن يرجعوا إلى الشام”.
وفيما يلي نتعرف على سبب تسمية المعركة بين الجيش الإسلامي والجيش البيزنطي وفقا لما جاء في أقوال العديد من المؤرخين في سبب هذه التسمية وهي كما يلي:
حيث ذهب بعض المؤرخين إلى أن السبب وراء تسمية معركة ذات الصواري بهذا الاسم هو كثرة عدد السفن التي شاركت في هذه المعركة.
بينما ذهب البعض الآخر من المؤرخين إلى أن السبب في هذه التسمية كان نسبة إلى الموقع الذي قد دارت المعركة بالقرب منه.
حيث أن من أكد على ذلك الرأي من المؤرخين قد استنتجوا ذلك من قول الطبري “فركب من مركب وحده ما معه إلا القبط حتى بلغوا ذات الصواري فلقوا جموع الروم في خمسمائة مركب أو ستمائة”.
وأيضا أرجعوا استنتاج سبب التسمية أيضا إلى قول ابن الأثير “وأقام عبد الله بن سعد بذات الصواري بعد الهزيمة أيامًا ورجع”.
حيث يكون بذلك هو دليل على أن السبب وراء تسمية معركة ذات الصواري بهذا الاسم نسبة إلى الموقع الذي دارت فيه المعركة وكان نتيجة تلك المعركة هو انتصار الجيش الإسلامي على الجيش البيزنطي انتصار ساحق وأودوا بهم شر الهزيمة.
وكان ذلك الانتصار على الرغم من الجيش البيزنطي قد تفوق على المسلمين في العتاد والعدة وأيضا في العدد غير أن قوة الإيمان التي كان يتمتع بها المسلمون كان الحائل دون نصر الجيش البيزنطي.
كما أن بعد هذه المعركة التي قد انتهت بانتصار الجيش الإسلامي كانت هي النهاية التي بها انتهت تماما السيطرة البيزنطية على البحر المتوسط بشكل تاريخي.
أسئلة أخرى قد تهمك
ما هو السبب في معركة ذات الصواري؟
ذهب المؤرخون إلى أن السبب في هذه المعركة كان من أجل رغبة البيزنطيين حرمان العرب من أن يحصلوا على الأخشاب التي تساهم في توسعة قوة الأسطول العربي عن طريق بناء أكبر عدد من السفن وقد ذهب البعض أن المعركة قد حدثت على ساحل الأناضول التركي وهو ساحل يعج بالأخشاب التي تلزم دعم الأسطول.
معركة ذات الصواري لماذا سميت بهذا الاسم؟
نسبة إلى زيادة عدد صواري السفن التي قد اشتركت في المعركة من الطرفين وهناك البعض يذكر أن سبب تسمية المعركة بذلك الاسم هو نسبة إلى المكان الذي قد دارت المعركة بالقرب منه حيث جاء في قول الإمام الطبري”فركب من مركب وحده ما معه إلا القبط حتى بلغوا ذات الصواري، فلقوا جموع الروم في خمسمائة مركب أو ستمائة”.
من هو قائد المسلمين في معركة ذات الصواري؟
قائد الجيش الإسلامي في معركة ذات الصواري هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح والي مصر.