يتساءل الكثيرون حول صحة الصيام على جنابة في أيام التطوع غير رمضان وقد ذهب أئمة المذاهب الفقهية الأربعة إلى جواز صيام الجنب وصحته وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة منها ما يلي:
وكان وجه الاستدلال بأن الله سبحانه وتعالى قد أباح الجماع طيلة الليل إلى أن يطلع الفجر وفي هذا إشارة لفظية تدل على صحة الصيام لصاحب الجنابة.
وفي قول السيدة عائشة -رضي الله عنها “أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ”.
حيث أن استدلال الأئمة بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجامع في ليل رمضان بينما كان لا يغتسل إلا بعد أن يطلع الفجر حتى يُبين للأمة جواز الشروع في الصيام قبل الاغتسال من الجنابة وليس الاحتلام.
عدم صحة صيام الجُنب
البعض من العلماء أقروا بعدم صحة صيام الجُنب بدون التطهر وقد استدلوا على ذلك الرأي بالآتي:
حيث أن هناك قول قد نُسب إلى الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه والحسن البصري وسالم بن عبد الله والدليل على ذلك هو ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إذا نوديَ للصَّلاةِ، صَلاةِ الصُّبحِ وأحدُكُم جُنبٌ، فلا يَصُمْ يومئذٍ”.
وقد روي أن أبا هريرة قد تراجع عن ذلك القول عندما علم بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي سبق وذكرنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى وإن أدرك النهار وهو جُنب.
تأخير غسل الجنابة بغير عذر مبطل للصيام
تراود الكثيرين فكرة أن الصيام على الجنابة دون الاغتسال من مبطلات الصوم وهو ما نوضحه في الآتي:
حيث قال عروة بن الزبير أن من كان على جنابة وأخر الاغتسال دون عذر كان صومه باطلا.
وكان الدليل على ذلك هو حديث أبو هريرة الذي نهى فيه النبي الجُنب عن الصيام.
حيث أنه فسر الحديث بشكل آخر أن من بقي على حال الجنابة دون اغتسال بغير عذر فصومه باطل.
صيام الجنب صحيح في النافلة دون الفرض
يوجد رأي لـ العلماء في جواز صيام النافلة للجنب وأن الجنابة تُبطل صوم الفرض وهو ما قد حمله حديث أبو هريرة رضي الله عنه بعدم جواز صيام الفرض للجُنب:
بينما حمل حديث السيدة عائشة أن صيام النافلة للجُنب يجوز.
حيث رجح العلماء بإجماع أن الجنابة لا تؤثر على صحة الصوم سواء كانت الجنابة من الاحتلام أو الجماع.
مسائل في الجنابة والصيام
توجد بعض المسائل التي تتعلق بالصوم والجنابة والتي نذكر بعضا منها فيما يلي مع التفصيل:
الاغتسال قبل الظهر في رمضان: لا يؤثر طلوع الفجر على صحة الصوم طالما أنه خالٍ من المبطلات الأخرى للصوم ولكن الاغتسال قبل الفجر تعد الأفضل والاغتسال قبل صلاة الظهر يساعد على أن تفوت المسلم صلاة الفجر.
صيام المرأة على جنابة: يُطلق لفظ الجنب على المرأة والرجل وبالتالي فإنهم يشتركون في الأحكام المترتبة على صحة الصوم في هذه الجنابة حيث يجوز للمرأة أن تصوم على جنابة على أن تغتسل منها قبل شروق الشمس لأداء الصلاة على وقتها.
الجنابة وصيام النوافل: يصح صيام المسلم إذا طلع الفجر وهو على جنابة ولا فرق في ذلك بين صيام الفرض والنافلة.
تأخير غُسل الجنابة: لا يجوز تأخير الاغتسال من الجنابة طالما أنه لا يوجد عذر يمنع ذلك لأن تأخير الاغتسال يترتب عليه تأخير أداء الصلاة في وقتها بينما يجوز للمسافر الجمع بين الفروض في الصلاة حيث ينبغي عليه الاغتسال قبل أن يفوت وقت الصلاة التالية.
هل التيمم يرفع الجنابة؟
تعددت الأقوال بين فقهاء المسلمين بين رفع التيمم الجنابة وعدم رفعه لها لكنهم رغم ذلك اتفقوا على أن التيمم في حال تعذر وجود الماء يساعد الإنسان على أداء العبادات التي يُشترط فيها التطهر من الحدث وفيما يلي التفصيل لأقوال الفقهاء في ذلك:
التيمم يرفع الحدث:
هذا الرأي يرجع إلى فقهاء المذهب الحنفي والبعض من المالكية وأيضا البعض من علماء الشافعية كما ظهر في رواية لابن تيمية وابن الجوزي حيث استدلوا بعدة أدلة منها الآتي:
ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم “إنَّ الصعيدَ الطيبَ طهورُ المسلمِ، وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين، فإذا وجد الماءَ فلْيمسَّه بشرتَه، فإن ذلك خيرٌ”.
حيث ورد في الحديث السابق مسمى التيمم بالطهور أي الوضوء فإن كان الوضوء يزيل الحدث فإن التيمم له نفس الأثر.
وفي حديث آخر جاءت الأرض على أنها طهور المسلم من الحدث ومنه التيمم وهو زوال مؤقت إلى أن يأتي الماء فعند وجود الماء يعود الحدث لكنه لا يعود للماضي بمعنى أنه لا ينبغي على المسلم إعادة الصلاة من التيمم.
التيمم لا يرفع الحدث:
هذا القول مشهور لدى المالكية وهو صحيح عند الحنابلة والشافعية وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة منها حديث عمران بن الحصين الذي جاء فيه:
“فَلَمَّا انْفَتَلَ مِن صَلَاتِهِ إذَا هو برَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مع القَوْمِ، قالَ: ما مَنَعَكَ يا فُلَانُ أنْ تُصَلِّيَ مع القَوْمِ؟ قالَ: أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ ولَا مَاءَ، قالَ: عَلَيْكَ بالصَّعِيدِ، فإنَّه يَكْفِيكَ”.
وبعد أن وجد الماء طلب من المتيمم الاغتسال وبالتالي فإن كان التيمم يرفع الجنابة لم يكن ليطلب منه الاغتسال.
يختلف الحكم في الجنابة في نهار رمضان تبعا لاختلاف الأسباب التي أدت إلى وقوعها حيث اتفق الفقهاء على ما يلي:
الجنابة التي كانت بسبب الجماع خلال النهار في رمضان تبطل الصوم ويجب على المسلم الكفارة والقضاء.
بينما الجماع في النهار عن نسيان فإنها لا تجب في قول عند المالكية والشافعية والحنابلة بينما كان الظاهر في القول لدى الحنابلة هو القضاء والكفارة عن الجماع العمد أو عن نسيان.
الجنابة عن احتلام لا تُفسد الصوم عند إجماع الفقهاء حيث لم يتدخل الشخص في حدوث الجنابة.
أما إن كانت الجنابة عن قُبلة أو لمسة أو الاستمناء فهي تُفسد الصوم عند الشافعية والمالكية والحنابلة وعامة المشايخ من الحنفية ويكون الرجل والمرأة في نفس الحكم سواء.
إذا حدثت الجنابة قبل الفجر فصيام المسلم جائز لأن الاغتسال من شروط صحة الصلاة وليس صحة الصيام.
كيف أتطهر بدون استحمام؟
التطهر بدون استحمام كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم يكون عن طريق التيمم وتتم بنفس الكيفية التي يتم بها التيمم للوضوء عن طريق ضرب المسلم بيديه في التراب ثم يمسح بها على وجهه وكفيه من أطراف الأصابع.
ما هي اضرار عدم الاغتسال من الجنابة؟
تؤدي إلى انتشار الفطريات والبكتيريا التي تنمو نتيجة تأخر الغسل من الجنابة حيث تؤدي إلى إصابة مجرى البول مما ينتج عنه الشعور بالحُرقة أثناء التبول بسبب انتشار البكتيريا الضارة في المناطق التي تُحيط بأعضاء الشخص التناسلية التي تؤدي إلى التهيج والحكة التي تسبب الألم المبرح.
