نقدم لكم من خلال هذا المقال معلومات عن سورة النور ، سورة النور هي سورة مدنية حيث نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة جاءت بالعديد من الآداب، والتوجيهات التي على المسلم أن يلتزم بها مثل : حرمات البيوت-معرفة قوانين الحياة، والفضائل السامية التي علينا التمسك بها حتى ننعم بحياة هادئة.
فالقرآن، والسنة هما القانون الذي علينا أن نتبعه، ونسير عليه في حياتنا فالدنيا طريق له نهاية، وممر للعمل فعلينا أن نكون فيه خير العابرين فإذا سرنا على هذا الدستور سنمر بسلام، وأمان، وننعم في الأخرة. وعبر هذا المقال على برونزية سنعرض لكم معلومات عن سورة النور، وسبب نزولها.
محتويات المقال
تشتمل هذه السورة على 64 أية، وجاءت في ترتيب النزول السورة 24 في الجزء الثامن عشر في المصحف الشريف تحتوي على 1317 كلمة.
قال الله تعالى : ” سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)”
هذه السورة بدأت بداية صارمة، وقاطعة لكل من يهتك حرمات البيوت، والنساء، ويقول على الناس ما ليس فيها فتوضح عقوبة الزناة من الرجال، والنساء لما لهما من آثار سلبية على المجتمع، وديننا هو دين الرحمة، والرأفة، ولكن في حالة الزنا فهذا الأمر محسوم بالعقاب الشديد على سوء هذا الفعل، وبشاعته في الإسلام فالإسلام دين الطهارة، والعفاف فمن يفعل غير ذلك يلق عقابه، وجزاءه، وبدأت الأية، والعقوبة بالزانية لأنها السبب في حدوث هذا الإثم فلو أرادت هذا الفعل حدث، وإذا امتنعت لم يتم الزنان وهذا يتوضح فيما بعد عندما ذكر الله فاحشة السرقة فبدأ هنا بالرجل فهذا الشخص هو الذي يسعى للرزق، والكسب على العكس فالله رتب الأشياء كما يجب، ووضح لنا عقوبة كل فعلة فقال الله تعالى عنه في سورة المائدة : ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)”.
نزلت هذه السورة لتُبرأ السيدة عائشة رمز العفة، والطهارة من حادثة الإفك التي اتهمها بها المجرمين فقال الله سبحانه وتعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)” فتوعد الله للذين كذبوا، وافتروا على السيدة عائشة بالباطل بالعذاب الشديد، وللذين يدعون على الناس بالباطل دون مجيئهم بأربعة من الشهود فهم كاذبون عند الناس، وعند الله، ولا يستمع أحد لهم فهم فقط يشوهون سمعة الناس بدون وجه حق، ويُسيئون الظن بالناس لكي يُحبطوا عملهم، ولكن الله يبين الحق من الباطل، وينصر المظلوم، ولو بعد حين فحاشا لله أن تكون السيدة عائشة أطهر نساء المؤمنين من قامت بهذا الفعل الفاحش.
فقال الله في هذه السورة أيات تحث المسلمين على الإحسان إلى الناس، وستر العيوب، والابتعاد عن سوء الظن بدون دليل : ” لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12)لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)”
فهؤلاء الناس قد ظلموا، وافتروا على السيدة عائشة، وألقوا عليها البهتان فالبينة هي الفيصل الذي يؤيد به المُدعي كلامه.
جاءت هذه السورة أيضًا لتحد من إشاعة الفتن، والفواحش في المجتمع فهذه الأشياء تعمل على هدم المجتمع، وانتشار النزاعات فيه، وتدميره فعلينا نشر الفضائل، والعمل بها حتى ينهض المجتمع، وليس العكس.
بينت لنا هذه السورة فضيلة مهمة جدًا كان الكثير لا يتطرق إليها، ولا يعرفها، وهي حرمات البيوت، وآداب الاستئذان قبل الدخول، وغض البصر عند زيارة البيوت، والتزام الزي الشرعي أمام غير المحارم فقال الله تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)”
ثم قال عز وجل : ” قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ …..”
فهناك أداب لاستئذان أفراد البيت الواحد فيقوم الأبناء بالاستئذان قبل الدخول إلى غرفة والديهم، وقبل الدخول إلى غرف بعضهم فديننا يحفظ لكل شخص خصوصيته، وحرماته خاصة إذا وصلوا سن البلوغ فالاستئذان واجب في كل وقت.
والتيسير في زواج الفتيات، والفتيان حتى لو كانوا فقراء فمن أراد أن يعف نفسه، ويحفظها من الفتن يوسع الله رزقه، ويُخلف عليه خير على نيته الطيبة فقال تبارك وتعالى : ” وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)”.
كما حذرتنا هذه السورة من اتباع خطوات الشيطان التي تهلك صاحبها، ولا تجلب له غير السوء فهو عدو رجيم للإنسان لا ينفعه في شيء بل يضره حتى يقوده إلى النار.
كما نصحتنا بضرورة الاهتمام بدور العبادة لما لها من دور كبير في صلاح المجتمع بالإضافة إلى حسن معاملة الضيوف، والأقارب، والمسلمين فكلنا أخوة في الإسلام كما أمرنا الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
من الشواهد التي تبين فضل، وأهمية سورة النور عندما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل الكوفة من باب النصيحة : “علّموا نساءكم سورة النور” لما فيها من معلومات، وآداب تربوية كثيرة تفيد النساء، وتعلمهم الأحكام المفروضة عليهم.