الصحابي الجليل سعد بن معاذ الذي اشتهر بأن عرش الرحمن اهتز لموته لما قدمه للإسلام في خلال سنوات بسيطة من اعتناقه الدين الإسلامي وقد كان سعد هو السيد لقبيلة الأوس في الفترة من قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ذلك اسمه ونسبه وقد اعتنق سعد الدين الإسلامي على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير عندما تم إرساله من قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب.
وكان مكلفا بدعوة أهل يثرب إلى اتباع دين الإسلام عقب البيعة الأولى للعقبة وعند إعلان إسلامه دعا قومه وقال لهم.
“يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟” قالوا:” سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة”، قال:” فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله”.
وقد أسلمت جميع الدور في بني عبد الأشهل عن بكرة أبيها رجالها ونساءها حيث أصبحت دار سعد بن معاذ مقر لأسعد بن زرارة ومصعب بن عمير يقيمان بها ويقومان بدعوة أهل يثرب إلى الإسلام.
بعدما اعتنق سعد الإسلام تولى تكسير جميع أصنام عبد الأشهل وكان معه في هذه المهمة أسيد بن حضير.
جهاد سعد بن معاذ في الإسلام
كان الصحابي الجليل من المجاهدين في صدر الإسلام وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح بعد هجرة الرسول وفي رواية أخرى أنه آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص.
حضر سعد بن معاذ مع الرسول صلى الله عليه وسلم واقعة بدر عندما جمع النبي أصحابه واستشارهم في هذه الموقعة حينها قال سعد “قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق.
وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد.
وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله”.
حمل سعد راية الأوس في يوم بدر وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم معركة أحد وهو أحد الصحابة الذين ثبتوا مع النبي عندما فر بقية المسلمون من المعركة.
وقد شهد سعد بن معاذ واقعة الخندق والتي رماه فيها حيان بن قيس بن العرفة بسهم قد قطع عرق الأكحل من سعد لقال سعد بن معاذ “اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا، فأبقني لها.
فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة”.
سعد بن معاذ اهتز العرش لموته
سعد بن معاذ هو الصحابي الوحيد الذي اهتز عرش الرحمن فرحا وترحيبا وإجلالا لروحه الطاهرة التي فاضت إلى بارئها بعدما خاض المعارك لهدف أسمى وهو نصرة الإسلام.
قد جاء في حديث نبوي شريف أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد بن معاذ رضوان الله عليه وعلى الصحابة الأجلاء فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
ولذلك فقد رضي الله عنهم ويتجلى ذلك الرضى في نيلهم درجات الشهادة وهي منزلة لا يصل إليها أي شخص.
كان سعد بن معاذ يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في التضحية حتى بنفسه في سبيل الله تبارك وتعالى وإعلاء كلمته.
وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم بسيد الأنصار استشهد سعد وهو في السابعة والثلاثين من عمره في شهر ذي القعدة عام 5 من الهجرة وتم دفنه في البقيع.
سعد هو أحد الأنصار الذي آخى النبي بينه وبين واحد من المهاجرين وقد كان من الصحابة الذين ضحوا بكل ما يملكون لإعلان عزة الإسلام وقد ورد في السنة النبوية أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد.
وقد ثبت في الصحيحين فيما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حيث قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ”.
كان سعد بن معاذ رضي الله عنه من الصحابة الصالحين وكانت تتوق نفسه دوما إلى لقاء الله سبحانه وتعالى وكان يتمنى أن يحصل على الشهادة في سبيل الله.
وقد أعطاه الله ما تمنى عند قتاله لبني قريظة والتي كان أحد الأسهم فيها متسببا لانفجار عرقه فنال بذلك أقصى ما كان يتمناه في الدنيا والأخرة.
وتسبب ذلك الحدث المهيب لاهتزاز العرش عند موته أثرا في نفس قبيلته فقد كانت تتفاخر قبيلة الأوس على القبائل الأخرى.
لماذا اهتز العرش لموت سعد بن معاذ
كثرت الأقاويل بين العلماء ممن فسروا هذا الحدث الجلل وشاعت الآراء في كيفية هذا الاهتزاز وأسبابه وفيما يلي نستعرض معكم هذه الآراء:
كان للعلامة الحافظ ابن حجر رأي حول سبب اهتزاز عرش الرحمن وقد فسر ذلك على أنه السعادة والفرح بصعود روحه الطاهرة إلى السماء ويرجع ذلك المعنى لوصف العرب قديما.
عندما كان يصفون السعادة عند قدوم شخص لأخر يحبه بأنه يهتز له من السعادة والسرور.
وقد فسر عمر بن الخطاب بأن هذا الاهتزاز كان لحملة العرش من أهل السماء.
أيضا فسر أحد العلماء الاهتزاز على أنه إخبار من الله لملائكته بأن الروح الصاعدة تكون لأحد أوليائه.
وقد ذهب البعض الأخر من العلماء إلى تفسير من زاوية مادية ظاهرية بأن العرش قد اهتز من شدة الفرح بقدوم سعد رضوان الله عليه.
وقد اتفق المازري مع هذا الرأي ولكنه اختلف فقط في هدف الاهتزاز وقد قال أن الهدف هو تنبيه ملائكة السماء لموت سعد ولا يقصد بهذا الاهتزاز كرامة له.
بينما كان للحربي رأي أخر حيث اعتبر الاهتزاز هو معنى لأمر عظيم وهو موت سعد رضي الله عنه وقد اعتاد العرب قديما أن ينسبوا أي ظاهرة كونية هامة لما يحدث من أمور عظيمة.
أما تفسير البراء بن عازب فكان أن اهتزاز العرش ما هو إلا استبشار بقدوم سعد رضوان الله عليه.
وقد رأى ابن عمر أن العرش الذي اهتز والذي ذكر ليس عرش الرحمن وإنما العرش الذي حملت عليه جنازة سعد وقد حدث الاهتزاز لثقل هذا العرش وكان هذا التفسير مأخوذ عن عطاء السائب.
وبالنسبة لهذا التأويل فقد تم نقده لسببين الأول أن عطاء السائب كان عجوزا كهلا ومن السهل جدا أن تختلط عليه الأمور في الرواية.
وأما السبب الثاني فكان للحديث المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: “لَمَّا حُمِلت جِنازةُ سعدِ بنِ معاذٍ قالَ المنافقونَ: ما أخفَّ جِنازتَه، وذلِك لِحُكمِه في بني قُريظةَ.