لن أزين كلامي هذه المرة بالبلاغة كما نفعل عادةً في بداية المقدمات ولكني سأجعل أفضل ما يزن الكلام هو شعوري به . فالحمد لله أولاً والصلاة والسلام على رسوله محمد “صل الله عليه وسلم ” وعلى أصحابه رضى الله عنهم ثم أما بعد فإليكم اليوم فضل بر الوالدين من خلال برونزية .
محتويات المقال
أن لبر الوالدين فضل عظيم جداً. يعود عليك بالنفع والخير في أمور حياتك كلها فلا نجد في زماننا هذا أو في زمان مضى شخص بار بوالديه إلا ورزقه الله الخير والبركة من حيث لا يحتسب. فما معنى أن يكون الشخص باراً بوالديه، فالبر معناه لغةً الإحسان فمعنى أن تكون باراً بوالديك يعنى أن تحسن إليهما. فالإحسان يشمل الرعاية والاهتمام والود المتصل بينك وبينهم .
وأنك ستجد الخير كله يعود عليك عند كبرك عندما يكرمك أولادك كما أكرمت والديك فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : “بروا أباءكم تبركم أبناءكم”ويقول الله عز وجل :(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن:600). كما أن طاعة الوالدين تحصل بها على رضى الله _عز وجل_ . لأنه سبحانه وتعالى لم يقرن طاعته بطاعة أحداً من العباد سوى بطاعة وبر الوالدين. فقال سبحانه وتعالى :(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الإسراء. فما أكرمه من شرف أن يرضى عنك الله بفضل برك لوالديك. فأن رضى الله عليك كان ذلك سبباً في دخولك الجنه من أوسع أبوابها.
كما أنك أن أكرمت والديك نشرت بهذا الفعل الكريم الود والمحبة في المجتمع وأصبح مجتمعاً سوي يسوده الحب والترابط فأن بداية المجتمع السوي تبدأ من الأسرة أولاً قبل أي شئٍ أخر . كذلك فإن والديك هم من قاوموا بتربيتك وتحمل مسؤوليتك في صغرك وكبرك. فأن أمك هي التي قامت بحملك تسعة أشهر في بطنها و أرضعتك من حليبها وسهرت الليل عند مرضك حتى تداويك فحقاً عليك أن ترد لها هذا الجميل وتقوم برعايتها وبرها عند كبرها. فهي التي أوصانا النبي (صل الله عليه وسلم ) في حديثه حين جاءه الأعرابي فقال له : “يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال :(أمك),قال ثم من ؟ قال: (أمك) قال ثم من؟ قال:(أمك) قال ثم من؟ قال (أبوك)”. وأن والدك هو الذي عمل وسهر أياماً طويله حتى وفر لك مأكلاً ومشرباً وملبس فواجباً عليك أن تبره وتحسن إليه عند كبره ومرضه .
كما أن برك لوالديك يزيد من رزقك ويطيل في عمرك. فقد روى مسلم عن أنس بن مالكٍ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سَرَّه أن يبسط عليه رزقه، أو يُنسَأ في أثره، فليصِلْ رحمه)) فأنك أن أردت أن يطيل الله في عمرك أي يبارك لك فيه ويزيد لك في رزقك فعليك بصلة رحمك وان أقرب الأرحام لك هم والديك فيجب عليك برهم وصلتهم حتى تحصل على خير الدنيا وخير الأخرة.
أن أفضل مثال يمكن أن نقتدي به في بر الوالدين هم صحابة رسول الله (صل الله عليه وسلم) فقد كان لهم قصص رائعة تدمع لها العيون وتقشعر منها الأبدان.
فهذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود نجد أمه قامت ذات ليلة في الليل تطلب الماء فذهب حتى يحضره لها فلما عاد وجدها قد عادت إلي نومها فخشى أن يوقظها وكذلك خاف أن تقوم ولا تجد الماء فظل واقفاً بجانبها حتى تستيقظ مرة أخرى ليناولها الماء .
وفى عصرنا هذا كان هناك أحد الدعاة إلى الله يجلس منتظراً موعد قطاره في بلد من البلاد الأجنبية فإذا امرأة عجوز تأكل تفاحه وكانت غير قادرة على مضغها فجلس إلى جانبها وأخذ يقطع لها التفاحة حتى تأكلها فبكت العجوز فسألها الرجل عن سبب بكائها فقالت له أنني منذ عشر سنوات أعيش وحيدة ولم يزرني أحد أو يكلمني فقال لها أنى أعيش في بلدي مع أمي وهي تقريباً في نفس سنك وأقوم برعايتها رعايةً كاملة لأن ديني يأمرني بذلك فسألته العجوز عن دينه فحدثها عن الإسلام فأسلمت .
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ووفقنا وإياكم لبر الوالدين ليصلح لنا ببرهم الدنيا ونفوز بالجنة في الآخرة .